الأحد، مارس ٢٩، ٢٠٠٩

عقيدة -52 الإيمان بالقدر خيره و شره

الحمد لله و صلى الله و سلم و بارك على عبده و رسوله محمد و على آله و صحبه أجمعين

الإيمان بالقدر خيره و شره

ونؤمن بالقدر خيره وشره، وهو تقدير الله تعالى للكائنات حسبما سبق به علمه واقتضته حكمته.

وللقدر أربع مراتب:

المرتبة الأولى: العلم، فتؤمن بأن الله تعالى بكل شيء عليم، علم ما كان وما يكون وكيف يكون بعلمه الأزلي الأبدي، فلا يتجدد له علم بعد جهل ولا يلحقه نسيان بعد علم.

المرتبة الثانية: الكتابة، فتؤمن بأن الله تعالى كتب في اللوح المحفوظ ما هو كائن إلى يوم القيامة (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) (الحج:70)

المرتبة الثالثة: المشيئة، فتؤمن بأن الله تعالى قد شاء كل ما في السماوات والأرض، لا يكون شيء إلا بمشيئته، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.

المرتبة الرابعة: الخلق، فتؤمن بأن الله تعالى : (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ *لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) (الزمر: الآية 62، 63) .

القدر: وهو تقدير الله تعالى للكائنات حسبما سبق به علمه واقتضته حكمته – و يشمل أمرين:

الأول: علم الله الأزلي الذي حكم فيه بوجود ما شاء أن يوجده، و حدد صفات المخلوقات التي يريد إيجادها، و قد كتب كل ذلك في اللوح المحفوظ بكلماته، فالأرض و السماء أحجامهما و أبعادهما و طريقة تكوينهما و ما بينهما و ما فيهما كل ذلك مدون علمه في اللوح المحفوظ تدويناً دقيقاً وافياً.

الثاني: إيجاد ما قدر الله إيجاده على النحو الذي سبق علمه و جرى به قلمه، فيأتي الواقع المشهود مطابقاً للعلم السابق المكتوب.

و القدر يطلق و يراد به التقدير السابق لما في علم الله، و يطلق و يراد ما خلقه و أوجده على النحو الذي علمه و قد يسمى هذا الأخير القضاء؛ فالقدر هو الحكم السابق، و القضاء هو الخلق...

و القضاء: أخص من القدر، لأنّه الفصل بين التقديرين، فالقدر هو التقدير، والقضاء هو الفصل و القطع، فالقضاء و القدر أمران متلازمان، لا ينفك أحدهما عن الآخر، لأن أحدهما بمنزلة الأساس و هو القدر، والآخر بمنزلة البناء و هو القضاء.

الإيمان بالقدر يقوم على أربعة أركان، من أقرَّ بها جميعاً فإن إيمانه بالقدر يكون مكتملاً، و من انتقص واحداً منها أو أكثر فقد اختل إيمانه بالقدر، و هذه الأركان الأربعة هي:

الأول: الإيمان بعلم الله الشامل المحيط.

الثاني: الإيمان بكتابة الله في اللوح المحفوظ لكل ما هو كائن إلى يوم القيامة.

الثالث: الإيمان بمشيئة الله النافذة و قدرته التامة، فما شاء كان و ما لم يشأ لم يكن.

الرابع: خلقه تبارك و تعالى لكل موجود، لا شريك لله في خلقه.

س: ما هو الإيمان بالقدر؟

ج: هو التصديق الجازم بأن كل خير و شر فهو بقضاء الله و قدره، و أنه الفعال لما يريد، لا يكون شيء إلا بإرادته، و لا يخرج شيء عن مشيئته، و ليس في العالم شيء يخرج عن تقديره، و لا يصدر إلا عن تدبيره، و لا محيد لأحد عن القدر و المقدور، و لا يتجاوز ما خط في اللوح المسطور، و أنه خالق أفعال العباد، و الطاعات و المعاصي، و مع ذلك فقد أمر العباد و نهاهم و جعلهم مختارين لأفعالهم غير مجبورين عليها؛ بل هي واقعة بحسب قدرتهم و إرادتهم؛ و الله خالقهم و خالق قدرتهم؛ يهدي من يشاء برحمته و يضل من يشاء بحكمته، لا يـُـسأل عما يفعل و هم يسألون.

أركان الإيمان بالــقـدر (مراتب القدر)

س: ما هي مراتب القدر و ما دليل كل مرتبة من مراتب القدر؟

ج: مراتب (أركان) القدر أربع:

الأولى: إثبات علم الله الأزلي الأبدي بكل شيء...

قال تعالى (إن الله بكل شيء عليم) (وأن الله قد أحاط بكل شيء علما).

الثانية: مرتبة الكتابة؛ و هي كتابة الله لجميع الأشياء في اللوح المحفوظ، الدقيقة و الجليلة، ما كان و ما سيكون...

قال تعالى (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير) (وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين) (وكل شيء أحصيناه في إمام مبين).

و عن عبادة بن الصامت أنه قال لابنه: يا بني إنك لن تجد طعم الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك و ما أخطأك لم يكن ليصيبك' سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب فقال يا رب وماذا اكتب قال اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة)، يا بني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من مات على غير هذا فليس مني). و في رواية: (أن أول ما خلق الله القلم فقال اكتب فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة).

الثالثة: مرتبة المشيئة النافذة التي لا يردها شيء و قدرته التي لا يعجزها شيء، فجميع الحوادث وقعت بمشيئة الله و قدرته، فما شاء الله كان و ما لم يشأ لم يكن...

قال تعالى (وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين) (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم) (ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد) (إلا أن يشاء ربي) (ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله) (ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها) (من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم) (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض) (إن شاء الله آمنين) (ولو يشاء الله لانتصر منهم).

الرابعة: التصديق الجازم بأنه سبحانه هو الموجد للأشياء كلها، و أنه الخالق وحده و كل ما سواه مخلوق له، و أنه على كل شيء قدير من الموجودات و المعدومات...

قال تعالى (الله خالق كل شيء) (هل من خالق غير الله) (بديع السماوات والأرض) (والله خلقكم وما تعملون) (الحمد لله رب العالمين) (قال فرعون وما رب العالمين * قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين).

فلا بد من الإيمان بهذه الأربعة أركان.

*****

و الله أعلم.

سبحانك اللهم و بحمدك.. نشهد أن لا إله إلا أنت.. نستغفرك و نتوب إليك.

يتبع إن شاء الله الدرس القادم تفصيل الإيمان بالقدر.

 

ليست هناك تعليقات: