الجمعة، نوفمبر ١٤، ٢٠٠٨

دلالة الاقتضاء ؛ دلالة الايماء ؛ دلالة الاشارة .

بسم الله الرحمن الرحيم
ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ؛ انه من يهده الله فلا مضل له ؛ ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا ...أما بعد ؛؛؛
نستكمل بمشيئة الله اليوم الحديث عن دلالة الألفاظ على الأحكام ؛ وسنتحدث عن أقسام المنطوق غير الصريح والتي هي : ( دلالة الاقتضاء ؛ دلالة الايماء ؛ دلالة الاشارة )
أولا : دلالة الاقتضاء :
هي دلالة اللفظ بالالزام على معنى غير مذكور مع أنه مقصود بالأصالة ولا يستقل المعنى أي : لايستقيم الا به لتوقف صدقه أو صحته عقلا أو شرعا عليه وان كان اللفظ لايقتضيه وضعا .
وسميت دلالة الاقتضاء : لأنها تقتضي شيئا زائدا على اللفظ .
وهذه الدلالة تنقسم الى ثلاثة أقسام :
أ-مقتضى يجب تقديره لصدق الكلام :
مثــــــــــل : قول المصطفى - صلى الله عليه وسلم - : (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه )
فلو أخذنا بظاهر الحديث لوجدنا :
1- اما أن يدل على رفع الخطأ والنسيان والاكراه ؛ وكل ذلك لم يرفع بدليل وقوع الأمة فيه .
2- أو يدل على رفع الفعل الذي وقع خطأ أو نسيانا بعد وقوعه ؛ ورفع العمل بعد وقوعه محال .
3- أو لابد أن نقدر لفظ محذوف يتم به فهم الكلام وهو ( اثم ) أو ( حكم ) وكل منهما ليس مذكورا في الحديث غير أن صدق الكلام توقف على تقدير أحدهما لأن صدق الكلام اقتضى ذلك وتطلبه .
ب- مقتضى يجب تقديره لصحة الكلام عقلا :
كما في قوله تعالى ( واسأل القرية ) فانه لابد من اضمار وتقدير- أهل - حتى يصح اللفظ عقلا لأن القرية هي الأبنية والجدران وهذان لايصح سؤالهما عقلا .
ج- مقتضى يجب تقديره لصحة الكلام شرعا :
مثل : اذا أمر شخص ما بالصلاة فان ذلك يتضمن الأمر بالطهارة لامحالة.
فاللفظ المتوقف صدقه أو صحته منطوق صريح ؛ والمضمر الذي لابد للصدق أو للصحة منه منطوق غير صريح وهو من ضرورة المنطوق الصريح .
ثانيا : دلالة الايماء أو التنبيه :
الايماء في اللغة : التنبيه .
واصطلاحا : اقتران وصف بحكم لو لم يكن هو أو نظيره للتعليل لكان بعيدا .
والمراد بالوصف : اللفظ المقيد لغيره سواء كان شرطا أو غاية أو استثناء .
ومعنى : لو لم يكن هو أو نظيره للتعليل لكان بعيدا : أي : لو لم يكن اقتران الوصف بحكم أو نظيره لتعليل الحكم لكان بعيدا من الشارع لأنه لايليق بفصاحته وبلاغته أن يذكر ما لافائدة منه .
مثـــــال :
قوله تعالى : ( والسارق والسارقة فاقطعو أيديهما ) :
فقد رتب الحكم وهو(القطع)على الوصف وهو ( السرقة ) بفاء التعقيب ؛ فلو لم يكن الوصف هنا لتعليل الحكم لكان بعيدا عن كلام الشارع .
ثالثا : دلالة الاشارة :
وهي دلالة اللفظ على معنى غير مقصود للمتكلم .
فدلالة الاشارة ليست مقصودة في الكلام وانما تابعة له. بخلاف دلالة الاقتضاء والايماء قمقصودتان في الكلام وان اختلفتا في أن دلالة الاقتضاء يتوقف عليه صدق الكلام أو صحته العقلية والشرعية .
مثـــا ل ذلك : في حديث نقصان دين المرأة ؛ قيل : وما نقصان دينهن ؟ قال : تمكث احداهن شطر دهرها لاتصلي . أي : نصف عمرها .
فدل ذلك على أن أكثر مدة الحيض خمسة عشر يوما وكذلك أقل الطهر خمسة عشر يوما .
فدلالة الحديث على ذلك منطوق غير صريح لأن بيانه غير مقصود لكنه يلزم من حيث أنه قصد المبالغة والمبالغة تقتضي ذكر أكثر مايتعلق به الغرض ؛ ولو كان زمان ترك الصلاة (زمان الحيض)أكثر من ذلك لبينه -صلى الله عليه وسلم-.
في الدرس القادم بمشيئة الله سنتحدث عن تقسيم المنطوق الى واحد ومتعدد.
أسأل المولى عز وجل أن يعلمنا ما ينفعنا ؛ وأن ينفعنا بما علمنا ؛ انه ولي ذلك والقادر عليه ؛
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

هناك ٥ تعليقات:

محمد عبد الرحمن يقول...

بارك الله لكم وفيكم ونفعنا بما تقدمون

حديث نقصان الدين والعقل لأول مرة أعرف هذا الملمح الأصولى والذى يجعلنى لاأملك إلا أن أقول صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى

Aml Ghonaim يقول...

أخي الكريم :
جزاكم الله خيراا ؛
( ان هو الا وحي يوحى )
جزاه الله عنا خير ماجزى نبيا عن أمته ...
وأسأل الله تعالى أن يحشرنا يوم القيامة في زمرته ...

عصفور المدينة يقول...

وضعتها تدوينة مختارة
:)

Aml Ghonaim يقول...

جزاكم الله الجنة أستاذنا الكريم ...

صيد الخاطر يقول...

ماشاء الله تبارك الله
ربنا ينفع بيكي ياامل

والله درس قيم جد جدا جدا