الجمعة، أكتوبر ٣١، ٢٠٠٨

من مباحث الألفاظ : المنطوق .

بسم الله الرحمن الرحيم
ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ؛ انه من يهده الله فلا مضل له ؛ ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا ...أما بعد ؛؛؛
نستكمل بمشيئة الله اليوم الحديث عن دلالة الألفاظ على الأحكام ؛

فاللفظ المستعمل قد يدل على المعنى بمنطوقه وقد يدل عليه بمفهومه . فما حقيقة كل منهما ؟

أولا : المنطوق :

المنطوق في اللغة : اسم مفعول من نطق أي تكلم ؛ فالمنطوق هو الملفوظ به .

واصطلاحا : مادل عليه اللفظ في محل النطق .

أي يكون حكما للمذكور وحالا من أحواله ؛ سواء ذكر ذلك الحكم ونطق به أم لا .

مثال المنطوق : تحريم التأفيف الذي دل عليه قوله تعالى : ( فلا تقل لهما أف ) .

فالذي يدل عليه اللفظ في محل النطق هو : تحريم التأفيف .

أقسام المنطوق :

لما كانت الغاية من علم أصول الفقه هي النظر في الخطاب الشرعي لاستنباط الأحكام الشرعية فان هذا الخطاب يأتي في عبارة مشتملة على ألفاظ ؛ هذه الألفاظ المنطوق بها قد تدل على الحكم بطريق النص الذي لايحتمل غيره أو الظاهر الذي يحتمل غيره .

وقد تتعدد معاني هذه الألفاظ وهو المنطوق المتعدد ؛ وقد لاتتعدد وهو المنطوق الواحد أو تدل الألفاظ على المعنى بحسب ماوضعته اللغة وهو الصريح أو تكون المعاني ملازمة للألفاظ وهو ما يسمى بغير الصريح .

وبالتالي فالمنطوق ينقسم الى :

1- نص وظاهر .

2- صريح وغير صريح .

3- متعدد وغير متعدد .

أولا : التقسيم الأول : النص والظاهر :

1- النص : هو في اللغة : الكشف والظهور .

ونص الحديث الى فلان : رفعه اليه .

اصطلاحا : يطلق على معان عدة منها :أ- مجرد لفظ الكتاب والسنة فيقال : الدليل اما نص أو معقول .

ب- مايذكر في باب القياس وهو أول الطرق الدالة على العلية .

ج- حكاية اللفظ على صورته فيقال : هذا نص كلام فلان .

د- مايقابل الظاهر ؛ وهو المقصود .

واذا فقد عرفه جمهور الأصوليين بأنه : مادل على معناه دلالة قطعية أو : ما لايحتمل الا معنى واحد ؛

أو : ما لايحتمل التأويل .

مثال النص : قوله تعالى : ( والزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ) .

فهذه الآية تدل دلالة قطعية لا تحتمل غيرها على أن الزاني والزانية يجلد كل واحد منهما مائة جلدة وهذا نص في المطلوب .

وبالجملة كل الآيات والأحاديث التي تشتمل على أعداد ومقدرات فهي نص .

ثانيا : الظاهر :

وهو لغة : الواضح ؛ يقال : ظهر الأمر الفلاني اذا اتضح وانكشف .والظاهر ضد الباطن .

واصطلاحا : هو مايقابل النص ولذلك فقد عرفه الأصوليون ب : مادل على معناه دلالة ظنية ؛ أو ما دل على معنى ويحتمل غيره احتمالا مرجوحا .

مثال الظاهر : الصلاة . فهي لفظ راجح في الأقوال والأفعال ؛ مرجوح في الدعاء الموضوع له لغة .

ثانيا : تقسيم المنطوق الى صريح وغير صريح :

أولا : الصريح : هو دلالة اللفظ على ما وضع له .

مثاله : قوله تعالى : ( فلا تقل لهما أف ) .

دل المنطوق على تحريم التأفيف من الوالدين وهو صريح في ذلك فهذا المنطوق أعطى المعنى كاملا وصريحا وبلا تأمل فكان مستوف صريح .

ثانيا : المنطوق غير الصريح : هو دلالة اللفظ على مالم يوضع له بل يلزم مما وضع له فيدل عليه بالالتزام وقد اعتبر غير الصريح منطوقا عند جمهور الأصوليين لأن المنطوق مادل عليه اللفظ في محل النطق بأن يكون حكما للمذكور وحالا من أحواله ؛ سواء ذكر ذلك الحكم ونطق به أم لا .
وتأتي عدم صراحته من جهة أن اللفظ لايدل عليه مباشرة وانما من خلال التأمل في اللفظ وادراك معناه ومن ثم الانتقال الى لوازمه .
ينقسم المنطوق غير الصريح الى :
1- دلالة الاقتضاء .
2- دلالة الايماء .
3- دلالة الاشارة .
وهذا ماسنتناوله - باذن الله - في الدرس القادم .
أسأل المولى عز وجل أن يعلمنا ما ينفعنا ؛ وأن ينفعنا بما علمنا ؛ انه ولي ذلك والقادر عليه ؛ وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

ليست هناك تعليقات: