الاثنين، فبراير ٢٥، ٢٠٠٨

عقيدة -18 الإيمان بالله - حول بعض آيات الصفات (10)

الحمد لله و صلى الله و سلم و بارك على عبده و رسوله محمد و على آله و صحبه أجمعين

الإيمان بالله – حول بعض آيات الصفات (10)

ونؤمن بأن الله تعالى يرضى ما شرعه من الأعمال والأقوال ويكره ما نهى عنه منها (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ) (الزمر: الآية7) (وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ) (سورة التوبة: من الآية46).

ونؤمن بأن الله تعالى يرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) (سورة البينة: من الآية8).

ونؤمن بأن الله تعالى يغضب على من يستحق الغضب من الكافرين وغيرهم (الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ) (سورة الفتح: من الآية6)، (وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (سورة النحل: من الآية106).

حول صفات الرضا و الكره و الغضب في الآيات

دعونا نطرح هذا التساؤل:

س: ما الذي تفهمه من معنى قوله تعالى (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ)، و قوله (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)، و قوله (ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) ، (فَلَمَّا آَسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ)، (وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ)، (كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ)؟

ج: تضمنت هذه الآيات الكريمات إثبات بعض الصفات الفعلية من...

الرضى و الغضب و اللعن و الكره و السخط و الأسف و المقت

و هذه الصفات يثبتها أهل السنة لله حقيقة على ما يليق بجلاله و عظمته يفعلها متى شاء، و في هذه الآيات رد على من نفاها أصلاً، و رد على من يُرجعها إلى "إرادة الثواب" في الرضى، و إلى "العقاب" أو "إرادة العقاب" في الغضب و السخط، و هذا أيضا في الحقيقة نفي للصفة و صرف للقرآن عن ظاهره و حقيقته من غير موجـِب...

و قوله سبحانه: (رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ) إخبارٌ عمَّا يكون بينه و بين أوليائه من تبادل الرضا و المحبة، فأما رضاه عنهم؛ فهو أعظم و أجلُّ من كل ما أُعطوا من النعيم؛ كما قال سبحانه (وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ)، و أما رضاهم عنه؛ فهو رضا كل منهم بمنزلته مهما كان، و سروره بها؛ حتى يظن أنه لم يؤت أحدٌ خيرًا ممَّا أُوتي، و ذلك في الجنة.

وأما قوله: (فَلَمَّا آسَفُونَا...) إلخ؛ فالأسف يستعمل بمعنى شدة الحزن، و بمعنى شدة الغضب و السخط، و هو المراد في الآية.

و مثل ذلك ...

اللعن من الله: الطرد و الإبعاد عن رحمته.

و المقت: شدة البغض.

و الانتقام: المجازاة بالعقوبة مأخوذ من النقمة، و هو شدة الكراهة و السخط.

== فائدة ==

في قوله: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ) إثبات العلل و الأسباب، و أن الأعمال الصالحة سبب للسعادة و الأعمال السيئة سبب للشقاوة، و فيها رد على من زعم أنه لا ارتباط بين العمل و الجزاء.

و فيه ذم من أحب ما كرهه الله أو كره ما أحبه الله.

و في الآية الأخيرة (في السؤال) حث على الوفاء بالعهد و النهي عن الخلف في الوعد و غيره، و تفاوت مقته تعالى و أن الإنسان قد يكون عدوًا لله ثم يكون لله وليًا و يكون الله يبغضه ثم يحبه و هو قول أهل الحق و عليه تدل الأدلة.

و إننا إذا تدبرنا القرآن الكريم – و بصفة خاصة ما يتناول موضوع العقيدة – نجد أن القرآن يستخدم وسائل شتى و أساليب متنوعة لتوضيح العقيدة السليمة و تصحيح الانحرافات التي يقع فيها الناس حين تستولي عليهم الجاهلية و تبعدهم عن الهدى الرباني، ثم لتثبيت هذه العقيدة و تعميق أثرها فى النفس من خلال ربطها بالسلوك الحسن و الأخلاق الفاضلة ...

== فصل ==

هذه الصفات عند أهل السنة و الجماعة صفات حقيقية لله عز وجل، على ما يليق به، و لا تشبه ما يتصف به المخلوق من ذلك، و لا يلزم منها ما يلزم في المخلوق.

فلا حجة للأشاعرة و المعتزلة على نفيها، و لكنهم ظنُّوا أن اتصاف الله عز وجل بها يلزمه أن تكون هذه الصفات فيه على نحو ما هي في المخلوق، و هذا الظنُّ الذي ظنوه في ربهم أوقعهم في النفي و التعطيل.

و الأشاعرة يُرْجعون هذه الصفات كلها إلى الإرادة؛ فالرضا عندهم إرادة الثواب، و الغضب و السخط.. إلخ: إرادة العقاب.

و أما المعتزلة؛ فيرجعونها إلى نفس الثواب و العقاب.

*****

و الله أعلم

سبحانك اللهم و بحمدك.. نشهد أن لا إله إلا أنت.. نستغفرك و نتوب إليك

يتبع إن شاء الله الدرس القادم تفصيل الإيمان بأسماء الله و صفاته