الأحد، ديسمبر ٠٢، ٢٠٠٧

عقيدة -10 الإيمان بالله - حول بعض آيات الصفات (2)

الحمد لله و صلى الله و سلم و بارك على عبده و رسوله محمد و على آله و صحبه أجمعين

الإيمان بالله – حول بعض آيات الصفات

ونؤمـن بأنه (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (هود: 6)

تفسير الآيات

دابة: أي كل ما يدب على الأرض من الإنسان و حيوان و زاحفة و هامة وغير ذلك

من: زائدة إعراباًَ و لكن لها معنى عظيم و هو إرادة العموم، أي كل دابة في الأرض فإنه على الله رزقها، فالحيوانات و الحشرات يسوق الله لها الرزق أو يسوقها للرزق، فمثلاًَ النمل أعطاه الله قوة حاسة الشم حتى يصل إلى الطعام و يتغذى به، و قصة الحيـّة العمياء التي تقف كأنها عود فيقع عليها طائر فتأكله؛ من ساق لها هذا الرزق؟!

وهذه هي الصورة اللائقة بحكمة الله ورحمته في خلق الكون على الصورة التي خلقه بها؛ وخلق هذه المخلوقات بالاستعدادات والمقدرات التي أوتيتها. وبخاصة الإنسان. الذي استخلف في الأرض، وأوتي القدرة على التحليل والتركيب، وعلى الإنتاج والإنماء، وعلى تعديل وجه الأرض، وعلى تطوير أوضاع الحياة؛ بينما هو يسعى لتحصيل الرزق، الذي لا يخلقه هو خلقا، وإنما ينشئه مما هو مذخور في هذا الكون من قوى وطاقات أودعها الله؛ بمساعدة النواميس الكونية الإلهية التي تجعل هذا الكون يعطي مدخراته وأقواته لكافة الأحياء!

و يعلم مستقرها و مستودعها:

المستقر: ما تستقر فيه على الدوام و هو الآخرة فهي المستقر قال تعالى (و إن الآخرة هي دار القرار)

المستودع: ما تكون فيه كالوديعة متى شاء الله ربها أخذها، وهي الدنيا فالإنسان فيها وديعة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن لله ما أخذ وله ما أعطى)

فالله يعلم حال العباد في الدنيا و الآخرة و من يعمل صالحاًَ و مآله إلى الجنة و من يعمل سيئاًَ و مآله إلى النار

فما من دابة من هذه الدواب التي لا يحيط بها حصر و لا يكاد يلم بها إحصاء.. إلا و عند الله علمها و عليه رزقها...

كل في كتاب مبين: أي كل من الرزق والمستقر و المستودع في كتاب مبين (ظاهر) أي في اللوح المحفوظ، فالمَـلـَـك عندما يبلغ الجنين 4 أشهر يؤمر بكتب (رزقه و أجله و شقي أم سعيد)... كما في الحديث الصحيح.

وهذه الآية الكريمة جاءت لتعريف الناس بربهم الحق الذي عليهم أن يدينوا له وحده. أي أن يعبدوه وحده. فهو العالم المحيط علمه بكل خلقه، وهو الرازق الذي لا يترك أحدا من رزقه. وهذه المعرفة ضرورية لعقد الصلة بين البشر وخالقهم؛ ولتعبيد البشر للخالق الرازق العليم المحيط.

== فصل ==

ونؤمن بأنه (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (الأنعام: 59)

تفسير الآيات

وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو.. آماد و آفاق و أغوار في "المجهول" المطلق.. في الزمان والمكان وفي أحداث الحياة وتصورات الوجدان..

مفاتح جمع مفتح أو مفتاح و المراد به إما المفتاح الذي الأبواب أو المكان الذي يفتح (مستودعات العلم)، و قوله لا يعلمها إلا هو: فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بالآية الكريمة (إن الله عنده علم الساعة...) (و سيأتي تفسيرها في الدرس القادم إن شاء الله)

و يعلم ما البر و البحر.. آماد وآفاق وآغوار في "المنظور" على استواء و سعة و شمول.. تناسب في عالم الشهود المشهود تلك الآماد و الآفاق و الأغوار في عالم الغيب المحجوب..

و ما تسقط من ورقة إلا يعلمها.. حركة الموت والفناء؛ و حركة السقوط و الانحدار، من علو إلى سفل، و من حياة إلى اندثار..

من: زائدة إعراباًَ و لكن جاءت للتأكيد؛ يعني ما تسقط ورقة إلا يعلمها أيا كانت صغيرة أم كبيرة حية أم يابسة في أي مكان و يعلم كذلك زمان سقوطها و مكانه، و إذا كان يعلم الذي يسقط من الورقات فمن باب أولى أنه يعلم ما يستحدث من الورقات.

و لا حبة في ظلمات الأرض.. حركة البزوغ و النماء، المنبثقة من الغور إلى السطح، و من كمون و سكون إلى اندفاع و انطلاق.

فمن ذا الذي يبدع ذلك الاتجاه و الانطلاق؟ ومن ذا الذي يبدع هذا التناسق و الجمال؟.. من ذا الذي يبدع هذا كله و ذلك كله، في مثل هذا النص القصير.. من؟ إلا الله

حبة شاملة صغيرة أو كبيرة، ظلمات: جمع ظلمة و أقل جمع ثلاثة: لو نفرض أن حبة غائصة في أعماق البحر؛ فهي في ظلمة الطين الغائصة فيه و ظلمة الماء و ظلمة الليل

و لا رطب و لا يابس:.. التعميم الشامل، الذي يشمل الحياة والموت، و الازدهار و الذبول؛ في كل حي على الإطلاق..

فهذه الجملة أعم، فالأشياء كلها إما رطبة أو يابسة.

== فصل ==

س: أولا يغني عن كل هذا قوله تعالى: و هو بكل شيء عليم؟

ج: بلى، يُغني و لكنّ التفصيل أشد وقعا في النفوس و أبين في التعميم

== فصل ==

و قوله إلا في كتاب مبين (ظاهر) أي في اللوح المحفوظ.

*****

و الله أعلم

سبحانك اللهم و بحمدك.. نشهد أن لا إله إلا أنت.. نستغفرك و نتوب إليك

يتبع إن شاء الله الدرس القادم تفصيل الإيمان بأسماء الله و صفاته

هناك ٣ تعليقات:

محمد عبد المنعم يقول...

الحمد لله لحقت في آخر دقيقة في يوم الأحد
... الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

محمد عبد المنعم يقول...

الأخت رفقة عمر
آسف جدا على تأخر ردي على سؤالك في الدرس قبل الماضي
قد أجبت عليه
https://www.blogger.com/comment.g?blogID=7569836787591265460&postID=2580903905708223340
و جزاكم الله خيرا

عصفور المدينة يقول...

احنا فينا من الحركات دي
:)
بارك الله فيك