الأحد، يوليو ٢٧، ٢٠٠٨

عقيدة -35 الإيمان بمهام و صفات و أخبار الرسل (1)

الحمد لله و صلى الله و سلم و بارك على عبده و رسوله محمد و على آله و صحبه أجمعين

الإيمان بمهام و صفات و أخبار الرسل (1)

ونؤمن بأن جميع الرسل بشر مخلوقون، ليس لهم من خصائص الربوبية شيء، قال الله تعالى عن نوح وهو أولهم: (وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ) (سورة هود:من الآية31) . وأمر الله تعالى محمداً وهو آخرهم أن يقول: (َلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ) (سورة الأنعام: من الآية50). وأن يقول: (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ) (سورة الأعراف:من الآية188). وأن يقول: (قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً * قُلْ إِنّىِ لَن يُجِيرَنيٍ مِنَ اللَّه أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً) (سورة الجـن: من الآية 21 والآية 2)) .

ونؤمن بأنهم عبيد من عباد الله أكرمهم الله تعالى بالرسالة، ووصفهم بالعبودية في أعلى مقاماتهم وفي سياق الثناء عليهم، فقال في أولهم نوح (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً) (الإسراء:3) . وقال في آخرهم محمد صلى الله عليه وسلم (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً) (الفرقان:1) . وقال في رسل آخرين (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ) (ص:45). (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ)(ص: الآية17). (وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) (ص:30). وقال في عيسى ابن مريم: (إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائيلَ) (الزخرف:59).

ذكرنا أن الإيمان بالرسل يتضمن أربعة أمور:

الثالث: تصديق ما صح عنهم من أخبارهم (و مهامهم و صفاتهم).... 

إذن دعونا نطرح بعض التساؤلات:

س: ما هي وظائف الرسل؟

ج:

مهمتهم الأولى هي إبلاغ هذه الأمانة التي تحملوها إلى عباد الله:

·         والبلاغ يحتاج إلى الشجاعة وعدم خشية الناس ، وهو يبلغهم ما يخالف معتقداتهم ، ويأمرهم بما يستنكرونه ، وينهاهم عمّا ألفوه.

·         والبلاغ يكون بتلاوة النصوص التي أوحاها الله من غير نقصان ولا زيادة ، فإذا كان الموحى به ليس نصاً يتلى ، فيكون البلاغ ببيان الأوامر والنواهي والمعاني والعلوم التي أوحاها الله من غير تبديل ولا تغيير .

·         و البلاغ يحتاج أن يوضح الرسول الوحي الذي أنزله الله لعباده ، لأنّه أقدر من غيره على التعرف على معانيه ومراميه ، وأعرف من غيره بمراد الله من وحيه والبيان يكون بالقول و الفعل.

و مهمتهم الثانية هي دعوة الناس إلى الأخذ بدعوتهم ، والاستجابة لها ، وتحقيقها في أنفسهم اعتقاداً وقولاً وعملاً ، وهم في ذلك ينطلقون من منطلق واحد ، فهم يقولون للناس : أنتم عباد الله ، والله ربكم وإلهكم ، والله أرسلنا لنعرفكم كيف تعبدونه ، ولأننا رسل الله مبعوثون من عنده ، فيجب عليكم أن تطيعونا وتتبعونا ، وكل رسول قال لقومه : ( فاتَّقوا الله وأطيعون ).

·         و الدعوة إلى الله تحتاج جهوداً عظيمة، و صبرا، و تنويعا في أساليب الدعوة، و رفقا و حكمة ...

و مهمتهم الثالثة هي التبشير و الإنذار، و تبشيرهم و إنذارهم دنيوي و أخروي:

·         فهم في الدنيا يبشرون الطائعين بالحياة الطيبة، و يعدونهم بالعزّ والتمكين والأمن.

·         و يخوِّفون العصاة بالشقاء الدنيوي، ويحذرونهم العذاب والهلاك الدنيوي.

·         وفي الآخرة يبشرون الطائعين بالجنة ونعيمها.

·         ويخوفون المجرمين والعصاة عذاب الله في الآخرة.

و مهمتهم الرابعة هي إصلاح النفوس و تزكيتها، و إخراج الرسل الناس من الظلمات إلى النور لا يتحقق إلاّ بتعليمهم تعاليم ربهم و تزكية :

·         بتعريفهم بربهم وأسمائه وصفاته ، وتعريفهم بملائكته وكتبه ورسله ، وتعريفهم ما ينفعهم وما يضرهم ، ودلالتهم على السبيل التي توصلهم إلى محبته ، وتعريفهم بعبادته.

و مهمتهم الخامسة هي تقويم الفكر المنحرف والعقائد الزائفة، فكان كُلُّ رسول يقوِّم الانحراف الحادث في عصره و مصره ، فالانحراف عن الصراط المستقيم لا يحصره ضابط و هو يتمثل في أشكال مختلفة ، وكلُّ رسول يُعنى بتقويم الانحراف الموجود في عصره...

و مهمتهم السادسة هي إقامة الحجّة، ففي يوم القيامة عندما يجمع الله الأولين والآخرين يأتي الله لكل أمة برسولها ليشهد عليها بأنّه بلغها رسالة ربه ، وأقام عليها الحجّة ( فكيف إذا جئنا من كل أمَّة بشهيدٍ وجئنا بك على هؤلاء شهيداً - يومئذٍ يودُّ الَّذين كفروا وعصوا الرَّسول لو تُسوَّى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثاً ) [ النساء : 41-42 ] .

و مهمتهم السابعة هي سياسة الأمة، فالذين يستجيبون للرسل يُكونّون جماعة وأمة ، وهؤلاء يحتاجون إلى من يسوسهم ويقودهم ويدبر أمورهم ، والرُّسل يقومون بهذه المهمة في حال حياتهم ، فهم يحكمون بين الناس بحكم الله .

·         والرسل وأتباعهم من بعدهم يحكمون بين الناس ، ويقودون الأمة في السلم والحرب، ويلون شؤون القضاء ، ويقومون على رعاية مصالح الناس ، وهم في كلّ ذلك عاملون بطاعة الله ، وطاعتهم في ذلك كلّه طاعة لله ( مَّن يطع الرَّسول فقد أطاع الله ) [ النساء : 80 ] .

·         ولن يصل العبد إلى نيل رضوان الله ومحبته إلا بهذه الطاعة ( قل إن كنتم تحبُّون الله فاتَّبعوني يحببكم الله ) [ آل عمران : 31 ] .

*****

و الله أعلم.

سبحانك اللهم و بحمدك.. نشهد أن لا إله إلا أنت.. نستغفرك و نتوب إليك.

يتبع إن شاء الله الدرس القادم تفصيل الإيمان بالرسل.

 

ليست هناك تعليقات: