الأحد، نوفمبر ٠٤، ٢٠٠٧

عقيدة -6 الإيمان بالله - حول آية الكرسي (2)

الحمد لله و صلى الله و سلم و بارك على عبده و رسوله محمد و على آله و صحبه أجمعين

الإيمان بالله – آية الكرسيّ

و نؤمن بأنه (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) (البقرة: 255).

ما يستفاد من الآية

من فوائد هذه الآية:

فائدة 1- انفراد الله تعالى بالألوهية

فائدة 2- إثبات صفة الحياة لله تعالى

فائدة 3- أن حياة الله تعالى كاملة لأنها سيقت سياق المدح، و لا مدح في الحياة إن لم تكن كاملة

فائدة 4- إثبات صفة القيومية لله تعالى

== فصل ==

و اعلم أن كل اسم من أسماء الله متضمن لصفة، و لا عكس

و لذلك لا نسمي الله عز و جل بالصانع و لا بالمريد و لا بالمتكلم و لا بالمستهزئ و لا بالماكر لأنه لا يلزم من ثبوت الصفة ثبوت الاسم

فهذا رد على الإشكالية التالية....

س: إذا كان الاسم منقسما إلى مدح و ذم فهل يدخل في أسماء الله تعالى؟

ج: لا يدخل بمطلقه في أسمائه و ذلك كالمريد والصانع و الفاعل فهذه ليست من الأسماء الحسنى لانقسامها إلى محمود و مذموم (مثال: المريد قد يريد خيرا و قد يريد شرا أو يريد ما ليس بخير) بل يطلق عليه منها كمالها.

== فصل ==

قال العلماء: أركان الإيمان بالأسماء الحسنى ثلاثة (إن كان متعديا) أو اثنان (إن كان غير متعد)

فمثال الاسم الذي فعله متعد (أي يتعدى لمفعول به):

الركن الأول: الإيمان بالاسم فنؤمن بأنه سميع

الركن الثاني: بما دل عليه من المعنى فنؤمن بأن له سمعا

الركن الثالث: بما تعلق به من الآثار (أو الأحكام) فنؤمن بأنه يسمع كل شيء.

و مثال الاسم الذي فعله غير متعد (أي يقتصر على الفاعل):

الركن الأول: الإيمان بالاسم فنؤمن بأنه حي

الركن الثاني: بما دل عليه من المعنى فنؤمن بأن له حياة

فائدة 5- أنه تعالى منزه عن السنة و النوم: و هو نفي لا يقصد منه مطلق النفي الذي هو العدم، و لكنه النفي الذي يتضمن إثباتا لكمال الله (نفى عنه السنة و النوم لإثبات كمال حياته و كمال قيوميته)

== فصل ==

لا يوجد في أسماء الله نفي محض (لا يظلم لكمال عدله ...)

فهذا رد على المسألة التالية....

س: ما الذي يقصد بالنفي (في صفات الله) و هل فيه كمال أو مدح؟

ج: النفي مقصود لغيره و هو إثبات ما يضاده من الكمال؛ فنفي الشريك و الند و النظير لإثبات كمال عظمته وتفرده بصفات الكمال، و نفي العجز لكمال قدرته، و نفي الجهل و عزوب شيء عن علمه لإثبات سعة علمه، و نفي الظلم لإثبات عدله، و نفي السنة و النوم لإثبات كمال حياته و قيوميته، و نفي العبث و ترك الخلق سدى لكمال حكمته التامة، و النفي المحض ليس فيه مدح ولا كمال إلا إذا تضمن إثباتًا فكل ما نفى الله عن نفسه من النقائص و مشاركة أحد من خلقه في شيء من خصائص فإنها تدل على ضدها من أنواع الكمال.

فائدة 6- عموم ملك الله عز و جل، و اختصاصه بذلك فإذا قيل قد أثبت الله لنا ملكا، قيل ليس ملكنا ملك الله: فملكنا محدود بمناطق العمل و محدود بالعمل

فائدة 7- قوة سلطان الله عز و جل: فـ (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه)، بل و لا يتكلم أحد إلا بإذنه (في قوله تعالى: يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا)، ففي ذلك إثبات الشفاعة بإذنه سبحانه

== فصل ==

هنا تظهر الإشكالية المشهورة التالية....

هل تشفع الأصنام؟ لا

هل يشفع النبيون؟ لا، إلا بإذنه تعالى؛ لا يأذن إلا لمن يشاء و يرضى

س: فما هي الشفاعة؟

ج- هي لغة الوسيلة و الطلب أو هي سؤال الخير للغير، أما أقسامها فثلاثة:

اثنتان خاصتان بالنبي صلى الله عليه و سلم:

الأولى: الشفاعة العظمى و هي شفاعته لأهل الموقف حتى يقضى بينهم بعد أن يتدافع الأنبياء أصحاب الشرائع آدم إلى نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام و هي المقام المحمود..

الثانية: شفاعته في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة،

أما الشفاعة الثالثة: فهذه عامة له و لسائر النبيين و الصديقين و غيرهم، و هي فيمن استحق النار: أن لا يدخلها، و فيمن دخلها: أن يخرج منها...

و الشفاعة المثبتة هي التي أثبتها الله في كتابه، و هي لأهل الإخلاص، و شروطها ثلاثة:

الرضى عن الشافع

الرضى عن المشفوع له

الإذن للشافع أن يشفع

و الأدلة على هذه الشروط: قال تعالى: (وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى) و قال: (يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا) و قال: (إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا).

فائدة 8- إثبات صفة الإذن لله تعالى

فائدة 9- بطلان تعلق المشركين بأصنامهم: لأنهم يقولون هؤلا شفعاؤنا عند الله، و الله تعالى أبطل ذلك من كل جانب فقال: قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير {22} ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له ... {23} سبأ، فالأصنام لا تملك شيئا على وجه الاستقلال و لا على وجه المشاركة و لا يعينون الله على شيء في ملكه بل و لا يشفعون لأحد عنده

فائدة 10- عموم علم الله تعالى

فائدة 11- عظمة الله عز و جل

فائدة 12- قصور علم الإنسان

فائدة 13- إثبات الكرسي: و أنه ليس هو العرش و لا العلم

فائدة 14- عظمة هذا المخلوق

فائدة 15- عظمة خالق هذا المخلوق

فائدة 16- إثبات قوة الله تعالى و علمه و قدرته على الحفظ (بطريقة الصفات المنفية: لا يؤوده ... لكمال علمه و قدرته...)

فائدة 17- إثبات صفة العلو و إثبات صفة العظمة لله تعالى

== فصل ==

و هنا تظهر الإشكالية المشهورة التالية....علو الله: هل هو علو المكانة و الشرف؛ فهو علو معنوي؟ أم هو علو المكانة و الشرف و الذات؟ بل هو الأخير

فإن قال قائل: سبحان الله! كيف تقول إن الله عليّ بذاته؟ و هو سبحانه لا يحيط به شيء من مخلوقاته؟ و هو محيط بكل شيء؟ الجواب: لا يلزم من إثبات العلو لله أن يكون محدودا تحيط به مخلوقاته، لأن العلو فوق المخلوقات كلها مكان فضاء ليس فيه شيء

الدليل: على علوه بذاته و بصفاته:

من الكتاب: سبح اسم ربك الأعلىو هو العلي العظيميدبر الأمر من السماء إلى الأرضإليه يصعد الكلم الطيب و العمل الصالح يرفعه

من السنة: قوله: سبحان ربي الأعلىالماء فوق ذلك و الله فوق العرش، فعله: في يوم عرفة لما كان يشير بيديه إلى السماء أن هل بلغت؟، إقراره: لما سأل الجارية: أين الله؟ قالت: في السماء، قال: فمن أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: إنها مؤمنة فأعتقها

من الإجماع: الصحابة و التابعون كلهم مقرون بذلك، و الدليل على إجماعهم من وجه خفي: فهم مجمعون على المدلول الظاهري للنصوص دون أن يكون لهم تأويل بخلاف ذلك

من العقل: فهل العلو صفة نقص أم صفة كمال؟ صفة كمال، و هل السفل صفة نقص أم صفة كمال؟ صفة نقص؛ و العقل يثبت لإله الكون و ربه كل صفات الكمال و ينفي عنه كل صفات النقص

من الفطرة: كل إنسان مفطور على أن الله في السماء (أي في جهة العلو) حتى الكفار .. بدليل أنه يدعوه بداهة و يرتفع قلبه نحو السماء

فالعلو المعنوي متفق عليه بين الأمة، أما العلو الذاتي فمختلف فيه إلى طرف و وسط

فطرف قالوا: إن الله بذاته في كل مكان، و حقيقة قولهم أنه قد يوجد في جوف الحيوان و قد يوجد في مكان النجاسة حاشا لله

و طرف قالوا: الله ليس فوق العالم و ليس تحت العالم، و لا متصل بالعالم و لا منفصل عن العالم، و لا مباين للعالم و لا محيز بالعالم.... ثم سردوا نفيا كثيرا، و حقيقة قولهم العدم و حاشا لله

و الوسط (الذين هم أهل السنة و الجماعة) قالوا: الله فوق كل شيء و لكنه ليس في كل مكان

فإن قال أحدهم: فما تفسير قوله تعالى: ما يكون من نجوى ثلاثة... و قوله: و هو معكم أين ما كنتم؟ الجواب: إذا أثبتم المعية الذاتية نفيتم صفة العلو، و إن قلتم هو معنا مع علوه... كان هذا هو عين ما نقول به فإن المعية لا تنفي العلو..

كقول العرب: ما زلنا نسير و القمر معنا

*****

سبحانك اللهم و بحمدك.. نشهد أن لا إله إلا أنت.. نستغفرك و نتوب إليك

يتبع إن شاء الله الدرس القادم تفصيل الإيمان بأسماء الله و صفاته

هناك ٥ تعليقات:

عصفور المدينة يقول...

بارك الله فيك

يقين النصر يقول...

جزاكم الله خيراا
ولآيات العلو والاستعلاء أثر فى احساس النفس بعظمة خالقها الجليل ...

محمد عبد المنعم يقول...

جزاكما الله خيرا

نسألك اللهم بحياتك و قيوميتك

أحي قلوبنا بنور الإيمان
وأقم دولة الإسلام فيها

mohamed emera يقول...

بارك الله فيك اخى
وسلمت يمينك
اسال الله لك ان يضاعف لك الجزاء
ويرزقك بغير حساب
اللهم امين
تقبل الله منك

أبوعمر يقول...

بارك الله فيك
ونفع بك يا شيخ محمد