الأربعاء، نوفمبر ٠٧، ٢٠٠٧

الطهارة - 11

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- ( ولا يبولن في ثقب ولا شق، ولا طريق ولا ظل نافع، ولا تحت شجرة مثمرة، ولا يستقبل شمساً ولا قمراً، ولا يستقبل القبلة، ولا يستدبرها لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم: (لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستدبروه). ويجوز ذلك في البنيان، فإذا انقطع البول ) .
الجحور والشقوق في الأرض يكره البول فيها، وفى حديث عبد الله بن سرجس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ( نهي أن يبال في الجحر ) وهذا الحديث بعضهم صححه وبعضهم ضعفه ولكن أهل العلم عللوا بتعليل آخرفقالوا إن البول في الجحور قد يسبب أذى وضرر لمن يبول في ذلك، لأنه قد تكون في هذه الجحور حشرات ضارة، قد يكون فيها عقارب، قد يكون فيها حيات قد يكون فيها غير ذلك . أيضاً قد يضر من هو موجود في هذه الجحور يعني قد يكون الضرر الواقع من الإنسان على الساكن فى هذه الجحور من الحشرات وغيرها، وقد يناله هو ضرر بسبب هذه الحشرات الموجودة في هذه الجحور أو هذه الشقوق.
قال ( ولا طريق ) ولا يبول في طريق، وهذه أيضاً قد جاء النهي عن فعلها، جاء النهي عن البول في طرق الناس أو قضاء الحاجة في طريق الناس المسلوكة، كما سيأتي. كذلك ظل نافع الذي ينتفع به الناس ويجلسون تحته أو ما أشبه ذلك.
وكذلك تحت الشجرة المثمرة، يجمع هذه الأمور كل مكان، يعتبر مرفقاً للناس، يستفيدون منه أو به، فإنه يجب الابتعاد عن قضاء الحاجة فيه، لأن ذلك من إيذاء الناس، وقد جاء التشديد في النهي عن إيذاء المسلمين فى القرآن وفى السنة ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً ﴾ [الأحزاب:58].
ولا شك أن قضاء الحاجة ببول أو بغائط في الأماكن التي ينتفع بها الناس سواء كانت طريقاً أو ظلاً أو تحت أشجار مثمرة أو حديقة، أو واد أو متجمعاً للناس أو ضفاف نهر أو ضفاف بحر -ساحل بحر- أو ما أشبه ذلك، مما يرتفق به الناس وينتفعون به فإنه لا يجوز قضاء الحاجة فيه وهذا الأمر محرم.
وقد جاء فيه الآية وكذلك حديث بخصوصه وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - ( اتقوا اللعانين، قالوا يا رسول الله وما اللعانان ؟ قال الذي يتخلي في طريق الناس، أو في ظلهم ) الذي يتخلي يعني يقضي حاجته في طريق الناس أو في ظلهم وفى حديث آخر ( اتقوا الملاعن الثلاثة ) وأضاف إليها الموارد: التي هي أماكن ورود الناس إليها أو لاستقاء الماء: الأماكن التي ترد إليها مواشي المسلمين أو يوردون إليها هم لاستقاء الماء والتزود بالماء سواء كانت آباراً، أو ما أشبهها، أنه يجب الابتعاد عن قضاء الحاجة فيها؛ لأن قضاء الحاجة في هذه الأماكن مما يؤذي الناس، وينفرهم أو يبعدهم عن هذه الأماكن التي يحتاجون إليها.
قال ( ولا يستقبل شمساً ولا قمراًَ ) ويذكر الفقهاء في هذا تعليلاً يقولون لأنهما من نور الله عزّ وجلّ أو لتكريمهما، ولكن الصحيح أن هذا لا يكره، بل دل الدليل على جواز استقبالهما وهو حديث النهي عن استقبال القبلة، كما سيأتي

ثم قال ( ولا يستقبل القبلة، ولا يستدبرها ) لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستدبروها ) هذا حديث أبي أيوب - رضي الله عنه - وهو حديث متفق عليه، وقد جاء فيه النص على النهي عن عدم استقبال القبلة أو استدبارها عند قضاء الحاجة.

ثم قال المؤلف ( ويجوز ذلك في البنيان ) المؤلف رحمه الله تعالى يرى أن التحريم أو النهي خاص بما هو في الفضاء، يعني خارج البنيان في الصحراء في المكان غير المبني، يقول إن الحكم أو النهي خاص بمن هو خارج البنيان، أما من كان في البنيان يعني في دورات المياه في المراحيض، المخصصة لذلك فإنه يجوز له أن يستقبل وأن يستدبر، والدليل على هذا حديث ابن عمر - رضي الله عنه - أنه قال ( رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقضي حاجته مستقبل الشمس مستدبر الكعبة ) فقالوا إن حديث ابن عمر يخصص حديث أبي أيوب وعلى هذا إذا كان في الفضاء فلا يجوز له أن يستقبل القبلة لا بغائط ولا ببول وإذا كان في بنيان فيجوز له ذلك.
قال ( ولا يمس ذكره بيمينه ولا يتمسح بها ) والدليل على ذلك حديث سلمان - رضي الله عنه - وفيه النهي قال: ( لا يمسن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يتمسح من الخلاء بيمنه ) وهذا من باب تكريم اليمين.
قال ( ثم يستجمر وتراً )
الخلاصة في هذا الباب أن هناك أداب مستحبة وآداب واجبة وآداب مكروهة، وآداب محرمة.
من الآداب الواجبة: ستر العورة عن الناس أثناء قضاء الحاجة وهذا واجب

وأيضاً التنزه عن البول يعني التوقي عن البول ( تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه ) وكما في حديث ابن عباس - رضي الله عنه
ومن الأمور الواجبة الاستنجاء أو الاستجمار
قال ( ثم يستجمر وتراً، ثم يستنجي بالماء ).
الاستجمار: هو إزالة الخارج أو تطهير محل الخارج من السبيلين بالحجارة ونحوها.
والاستنجاء: هو تطهير المحل بالماء
والأفضل هو أن يجمع بينهما، بأن يستجمر أولاً ثم يستنجي بالماء، وهذه هي الصفة الأكمل والأفضل، لأن الاستجمار بالحجارة ونحوها، وكلمة نحوها يدخل فيها كل طاهر يعني يمكن أن يستجمر بالحجارة، يمكن أن يستجمر بقطع خشب إذا كانت لا تؤذي وتطهر أو بالورق المناديل الورقية، وما أشبه ذلك.
هذا بالنسبة للأولى والأكمل إنما بالنسبة للإكتفاء يجوز الاكتفاء بالماء أو يجوز الاكتفاء بالاستجمار أيضاً.
يقول المؤلف رحمه الله تعالى ( فإذا انقطع البول مسح من أصل ذكره إلى رأسه ثم ينتره ثلاثاً) ولم يذكروا على هذه الأفعال دليلا صحيحا يثبت مشروعيتها ولذلك فالأولى تركها سدا لباب الوسواس بل قال المحققون أمثال شيخ الاسلام ابن تيمية أن هذه الأفعال بدعة والله أعلم.
بقي قوله ( وإنما يجزئ الاستجمار إذا لم تتعدَ النجاسة موضع الحاجة ).
يعني ما لم يتعدَ الخارج موضع الخروج، فإن تعدى الخارج موضع الخروج بأن انتشر بعيداً عن المخرج فحينئذ لا يكفي الاستجمار، يعني لابد من غسله، لماذا ؟ قال: لأنه يصبح نجاسة طرأت على البدن، والنجاسة التي وقعت على البدن لابد من غسلها، يعني لو فرضنا أنه تعرضت اليد لبول، هل يكتفي بالمسح ؟ أو لابد من الغسل ؟ لابد من الغسل.
كذلك لو تعرض شيء من بدن الإنسان لشيء من الغائط، لا يكتفى بمسحه بل لابد من غسله.
مسألة متعلقة بهذا الباب : -
حكم دخول الخلاء بالقرآن في المحمول (الموبايل) أو (الجوال) إذ كان فيه قرآن ولكن لا يظهر القرآن على الشاشة
أما القرآن الموجود في الجوال فهذا لا يعتبر حكمه حكم المصحف، ولهذا يجوز دخول الخلاء به وكذلك الشريط الكاسيت والأسطوانة (CD) ونحوذلك.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والحمد لله رب العالمين

هناك ٣ تعليقات: