الأربعاء، أكتوبر ٠٣، ٢٠٠٧

الطهارة - 7

يقول المؤلف رحمه الله تعالى ( واستعمال أواني أهل الكتاب وثيابهم ما لم تعلم نجاستها )
يجوز استعمال أواني أهل الكتاب، وثيابهم ما لم تعلم نجاستها، وما ينسجه الكفار من الأقمشة والثياب وما يصنعونه ؟
لأن الأصل في الأشياء الطهارة كما سبق.

وهذا الحكم ليس خاصا بأهل الكتاب، وإنما هو عام في جميع الكفار، سواء كانوا أهل كتاب من اليهود والنصارى، أو غيرهم من الكفار , فالأصل في الأواني الطهارة، والأصل في الثياب الطهارة، بل الأصل في الأشياء كلها الطهارة، سواء كانت أواني أو ثياب أو غير ذلك إلا ما دل الدليل على نجاسته.

ولكن إذا غلب على الظن أن أواني الكفار تتعرض للنجاسة فلابد من غسلها قبل استخدامها، كما في حديث أبو ثعلبة الخشني - رضي الله عنه - قال: قلت يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب، أفنأكل في آنيتهم؟ قال: (لا تأكلوا فيها، إلا ألا تجدوا غيرها فاغسلوها، ثم كلوا فيها ) فإذا غلب على الظن أنها تعرضت للنجاسة فتغسل وكذلك الثياب .
فصل في الميتة

يقول المؤلف رحمه الله تعالى ( صوف الميتة وشعرها طاهر، وكل جلد ميتة دبغ، أو لم يدبغ نجس)
الفقهاء يقسمون الميتة إلى ثلاثة أقسام : -
1- القسم الأول : ما له حكم المنفصل عنها مثل الصوف والشعروالوبروالريش، هذا طاهر، هذا القسم طاهر لأنه لا تدخله الروح، ولا يتأثر بالميتة بعد موتها، ويجز في حال الحياة.
2- القسم الثاني: أجزاء الميتة الداخلية كاللحم والشحم والعصب، والعظام وسائر أجزاء الميتة الداخلية، هذا نجس بلا خلاف.
3- القسم الثالث: الجلود، جلد الميتة هل هو طاهر أم نجس؟

اتفق العلماء أن جلد الميتة نجس قبل أن يدبغ ولكن اختلفوا هل الدباغ يطهره أم لا ؟

بعضهم يلحقه بالصوف والريش والشعر ويجعله – بعد الدباغ – طاهرا وبعضهم يجعله كاللحم والشحم فلا يطهر مطلقا ولو دبغ, وهذا هو مذهب المؤلف رحمه الله تعالى ولهذا قال (وكل جلد ميتة دبغ أو لم يدبغ فهو نجس) ، هذا هو القول الأول: الذي مشى عليه المؤلف، وهو قول كثير من أهل العلم وهو المشهور من مذهب الحنابلة : أن جلد الميتة نجس، وأنه لا يطهر بالدبغ، وقد استدلوا على ذلك بعدة أدلة منها حديث عبد الله بن عكيم - رضي الله عنه - أنه قال: أتانا خبر أو حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ألا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا بعصب ) رواه أحمد في المسند وغيره .
القول الثاني: وهو مذهب الجمهور: أن الجلد جلد الميتة يطهر بالدباغ، وهذا هو الأرجح والأدلة على هذا، مثل حديث ابن عباس - رضي الله عنه - ( أيما إهاب دبغ فقد طهر) رواه مسلم وفى حديث ميمونة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بشاة يجرونها، ميتة فقال ( هلا انتفعتم بإهابها، قالوا إنها ميتة يا رسول الله قال يطهرها الماء والقرض) والقرض نوع من النبات، يستخدم في دبغ الجلود .
ما هو الدبغ؟
هو تطهير الجلد وتنظيفه بمادة منظفة مطهرة، سواء كانت من الأشجار أو مواد كيماوية منظفة ومطهرة، وكانوا في الماضي يستخدمون بعض الأشجار مثل القرض أو الأرطأ والآن يستخدمون المواد الكيميائية مع الملح والشمس .
وهنا ضابط في هذا الباب
قال المؤلف رحمه الله (وكل ميتة نجسة إلا الآدمي)

وللعلم : فما يذكره الفقهاء من القواعد الكلية الفقهية التي تشمل أبوابا عديدة من أبواب الفقه تسمى قاعدة مثل قولهم "الأصل في الأشياء الحل" أو "اليقين لا يزول بالشك",

أما إذا ذكروا قاعدة خاصة في باب واحد فقط فيسمونه ضابط مثل قولهم هنا " وكل ميتة نجسة إلا الآدمي" وقولهم في باب الأطعمة " الأصل في الذبائح المنع " وفي باب المواريث " الجد الصحيح هو كل جد ليس بينه وبين الميت أنثى " ونحو ذلك.
وهذه القواعد والضوابط جديرة بالحفظ والتسجيل لأنها تسهل تصور المسائل واستحضار أحكامها بشكل كبير وتنمي الملكة الفقهية لدى الدارس.
وعلى الدارس كلما صادفه أثناء الدراسة – قاعدة أو ضابط سجلها ولو بشكل منفصل , وبعد فترة تجتمع لديه حصيلة رائعة وعلوم جمة من هذه القواعد.
وبقية هذه القاعدة المهمة في المدونة التالية بإذن الله تعالى.
حتى لا نطيل ونحن في العشر الأوخر رزقنا الله وإياكم حسن الطاعة والقبول
والله أعلم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه والحمد لله رب العالمين