الأربعاء، سبتمبر ١٧، ٢٠٠٨

الصلاة - 17

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
سؤال اليوم: اذكر أقسام سجود السهو
تابع سجود السهو
ذكرنا أقسام سجود السهو في الأسبوع الماضي وقلنا أن السجود يشرع في ثلاثة أحوال
زيادة في الصلاة أو نقص أو شك
والزيادة في الصلاة لها حالتان :
الحالة الأولى: إما أن تكون زيادة فعل من أفعال الصلاة كركوع أو سجود أو جلوس أو ركعة كاملة ونحو ذلك فيجب لها سجود السهو
الحالة الثانية: زيادة فعل خارج عن الصلاة فليس لها سجود سهو ولكن العمد والسهو فيها سواء
إن كانت كثيرة بطلت الصلاة وإن كانت يسيرة فيعفى عنها كالمشي بضع خطوات أو الإشارة باليد ونحو ذلك
ولذلك يقول المؤلف رحمه الله (ولو فعل ما ليس من جنس الصلاة لاستوى عمده وسهوه فإن كان كثيرا أبطله )
يعني: الزيادة التي من جنس الصلاة لا يسأل عنها حصلت سهوا أو عمدا ننظر هل هذا العمل الذي حصل كثير أو قليل إن كان كثيرا أبطل الصلاة وإن كان قليلا فلا يبطلها سواء كان متعمدا أو عن سهو,
والرسول-صلى الله عليه وسلم- جاء عنه في الحديث الصحيح أنه (صلى وهو يحمل أمامة بنت أبي العاص إذا قام حملها وإذا سجد وضعها) وهذا عمل يسير غير متوال وأيضا ورد عنه في بعض الأحاديث (أنه فتح الباب لعائشة وهو في الصلاة)
ولذلك قال المؤلف رحمه الله ( وإن كان يسيرا كفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- في حمله أمامة وفتح الباب لعائشة فلا بأس به ).

ثم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- (الضرب الثاني: النقص كنسيان واجب, فإن قام عن التشهد الأول فذكر قبل أن يستتم قائما رجع فأتى به, وإن استتم قائما لم يرجع, وإن نسي ركن فذكره قبل شروعه في قراءة ركعة أخرى رجع فأتى به وبما بعده وإن ذكره بعد ذلك بطلت الركعة التي تركه منها, وإن نسي أربع سجدات من أربع ركعات فذكر في التشهد سجد في الحال فصحت له ركعة ثم يأتي بثلاث ركعات )


هذا هو السبب الثاني: وهو النقص في الصلاة سهوا

إذا كان النقص في الصلاة متعمدا فإنه يبطل الصلاة والكلام هنا في النقص سهوا.

لا يخلو النقص سهوا إما أن يكون بترك واجب أو بترك ركن فأكثر،

الحالة الأولى في النقص: إن كان بترك واجب مثل ترك التشهد الأول كما قال المؤلف قال كنسيان واجب فإن قام عن التشهد الأول فحينئذ إن ذكر قبل أن يشرع في الركن الذي يليه فإنه يرجع وإن لم يذكر أو لم ينبه إلا بعد أن شرع في الركن الذي يليه فإنه لا يرجع ويجبر هذا النقص سجود السهو.

المؤلف -رحمه الله تعالى- قال: فإن قام عن التشهد الأول فذكر أو نبه قبل أن يستتم قائما وإذا استتم قائما -دخل في ركن القيام للركعة التالية- رجع فأتى به -هذا إذا كان لم يستتم يعني لم يعتدل واقفا- وإن استتم قائما لم يرجع وجبره أو سجد لسجود السهو عن هذا النقص.
في ذلك حديث عن المغيرة ابن شعبة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال (فإذا قام أحدكم في الركعتين ولم يستتم قائما فليجلس فإذا استتم قائما فلا يجلس ويسجد سجدتي السهو) هذا الحديث رواه أبو داوود وغيره وهذا الحديث ضعفه المحدثون , وبعضهم حسنه وقال الترمذي -رحمه الله تعالى-العمل على هذا عند أهل العلم يعنى على أنه إذا استتم قائما فإنه لا يرجع

الحالة الثانية في النقص: قال المؤلف بعد ذلك: (وإن نسي ركنا فذكره قبل شروعه في قراءة ركعة أخرى رجع فأتى به وبما بعده وإن ذكره بعد ذلك بطلت الركعة التي تركه منه) هذا الركن وتنوب الركعة التي تليها منابها ويزيد ركعة أخرى.

إذن بالنسبة للركن إذا ذكره قبل أن يشرع في الركن الذي يليه فإنه يرجع وإذا شرع في القراءة من الركن أو من الركعة التي تلي الركعة التي ترك فيها هذا الركن فإن الركعة التي ترك منها هذا الركن تبطل ويأتي بدلها بركعة أخرى بعد أن ينتهي من الركعات التي صلى.


قال بعد ذلك (وإن نسي أربع سجدات من أربع ركعات فذكر في التشهد سجد في الحال فصحت له ركعة ثم يأتي بثلاث ركعات) هذه المسألة يذكرها الفقهاء -رحمهم الله تعالى- وبناء على قاعدتهم في الركعة فيما إذا ترك ركنا من ركعة ثم ذكر في الركعة التي تليلها، تصحيح هذا إن الركعة الثانية تنوب مناب التي بطلت بسبب ترك الركن.


قالوا: بناء على هذا لو ترك من مجموع الركعات الأربع كل ركعة يترك فيها سجدة معناها ترك ركن في كل ركعة فإذا ذكر قبل أن يسلم فإنه يأتي بسجدة لتصحيح الركعة الأخيرة ثم يأتي بثلاث ركعات عن الركعات الثلاث التي مرت.

وبعض أهل العلم يقول: الصلاة في مثل هذه الحالة تبطل وعليه أن يأتي بصلاة جديدة لأن هذه الصلاة أشبه بصلاة متلاعب فيها ولهذا ينبغي أن تبطل وأن يؤتى بصلاة كاملة ليست على هذه الصفة.

النوع الثالث : الشـك في الصـلاة:-

قال - رحمه الله تعالى- (الضرب الثالث: الشك فمتى شك في ترك ركن فهو كتركه ومن شك في عدد الركعات بنى على اليقين, إلا الإمام خاصة فإنه يبني على غالب ظنه. ولكل سهو سجدتان قبل السلام إلا من سلم عن نقص في صلاته, والإمام إذا بنى على غالب ظنه, والناسي للسجود قبل السلام فإنه يسجد سجدتين بعد سلامه ثم يتشهد ويسلم. وليس على المأموم سجود سهو إلا أن يسهو إمامه فيسجد معه ومن سها إمامه أو نابه أمر في صلاته فالتسبيح للرجال والتصفيق للنساء )

قلنا: إن أسباب سجود السهو ثلاثة أو إن السهو يقع على ثلاثة أحوال إما زيادة أو نقص أو شك.

الشك: هو التردد بين أمرين قد يستويان وقد يقوى أحد الجانبين على الآخر.

إذا قوي أحد الجانبين على الآخر سمي غالب ظن, فإذا شك الإنسان في عدد الركعات مثلا لا يدري هل صلى ثلاثا أو أربعا ؟ هل عنده غلبة ظن لأحد الأمرين؟.

أما إذا كان الشك قائما والأمران متساويان عنده فيبنى على اليقين قطعا

فمتى حصل عنده شك لا يدري هل صلى ثلاثا أو أربعا فإنه يجعلها ثلاثا ويأتي بركعة رابعة وهذا هو اليقين إنما إذا قوي أحد الجانبين على الآخر بأن حصل عنده غلبة ظن بأنه صلى ثلاث فهل يبنى على غلبة ظنه أو يبنى على اليقين يجعلها ثلاثا أو يبني على غلبة ظنه.

لوغلب على ظنه أنها ثلاثة يجعلها ثلاثا , غلب على ظنه أنها أربعة يجعلها أربعة ويسلم.

بعض العلماء يقول: يبني على اليقين في جميع صور الشك حتى ولو غلب على ظنه وبعضهم يقول يبني على غلبة ظنه وبعضهم يفرق بين الإمام والمأموم يقول الإمام يبني على غلبة ظنه والمأموم يبني على اليقين

وهذا هو معنى كلام المؤلف والمأموم يبنى على اليقين.

ولكن الصحيح أنه إذا غلب على ظنه أحد الجانبين فإنه يتحرى الصواب ويبني على غلبة ظنه ويسجد للسهو بعد ذلك.

يقول المصنف: ( ولكل سهو سجدتان) أي: سواء كان بسبب زيادة أو بسبب نقص أو بسبب شك.

يقول المصنف: ( قبل السلام, إلا من سلم عن نقص في صلاته).

مذهب الحنابلة الذي يمشي عليه المؤلف هو: الأصل أن السجود للسهو قبل السلام إلا في حالات هذه الحالات ذكرها المؤلف قال إلا من سلم عن نقص في صلاته مثلما سلم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديث ذي اليدين قبل أن يتم صلاته, والإمام إذا شك فبنى على غالب ظنه – أي: شك ولكن يغلب على ظنه أحد الأمرين فغلب أو فعمل بغالب الظن تحرى الصواب وعمل بغالب ظنه- فإنه يسجد بعد السلام، والناسي للسجود قبل السلام في الأحوال التي يكون فيها السجود قبل السلام لم يسجد إلا بعد السلام فهذا يسجد بعد السلام.

فهذه الأحوال الثلاثة يكون السجود فيها بعد السلام وما عداها يكون قبل السلام. هذا هو المذهب عند الحنابلة ولكن المسألة فيها خلاف على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أن السجود قبل السلام مطلقا, واستدلوا بالأحاديث التي جاء فيها أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- سجد قبل السلام.
القول الثاني: أن السجود كله بعد السلام, واستدل أصحاب هذا القول بالأحاديث التي جاء فيها أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- سجد بعد السلام؛ لأنه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فعلا في حالات سجد قبل السلام وفي حالات سجد بعد السلام.
القول الثالث: التفصيل، والمفصلون اختلفوا, بعضهم قال: ماكان عن زيادة فيكون بعد السلام وما كان عن نقص فيكون قبل السلام فإذا ترك مثلا التشهد الأول فهذا نقص في الصلاة فيكون السجود قبل السلام, وإذا زاد ركعة وصلى خمسا فإنه يسجد بعد السلام؛ لأن هذه زيادة. بعضهم يقول: ننظر في أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فما سجد فيه قبل السلام فنسجد قبل السلام وما سجد فيه بعد السلام فنسجد بعد السلام وما عدا ذلك يكون السجود قبل السلام وهذا هو الأرجح والأولى لأن فيه تطبيق واقتداء بالرسول -صلى الله عليه وسلم- في جميع الأحاديث والله أعلم.

بعد هذا قال: (وليس على المأموم سجود سهو إلا أن يسهو إمامه) وهذا أمر معلوم

(ومن سها إمامه أو نابه أمر في صلاته فالتسبيح للرجال والتصفيق للنساء) يعني إذا سها الإمام فعلى من خلفه من المأمومين أن ينبهوه.

يختلف الأمر بين الرجال والنساء الرجال يسبحون والنساء يصفقن هذا هو التنبيه بالنسبة للرجال وبالنسبة للنساء.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.