الجمعة، فبراير ١٣، ٢٠٠٩

مفهوم اللقب .

بسم الله الرحمن الرحيم
ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ؛ انه من يهده الله فلا مضل له ؛ ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا ...أما بعد ؛؛؛
نستكمل بمشيئة الله اليوم الحديث عن دلالة الألفاظ على الأحكام ؛وحديثنا اليوم عن :
مفهوم اللقب :
واللقب
هنا ليس المراد به اللقب الذي اصطلح عليه أهل اللغة وهو ما أشعر بمدح أو ذم .
ولكن المراد به : كل مايدل على الذات سواء كان اسم الشخص كزيد ؛ أو اسم جنس كالانسان ؛ أو مافي معنى الاسم في دلالته على الذات كالكنية مثل أبي الحسن . أو اللقب ك :
ومفهوم دلالة اللقب هنا : هو دلالة منطوق اسم الجنس أو اسم العلم على نفس حكمه المذكور عما عداه .
وبالتالي : فدلالة مفهوم اللقب هو دلالة تعليق الحكم على نفي الحكم عن غيره ؛
فلو قلت مثلا: نجحت فاطمة ؛ فمنطوقه يفيد نجاح فاطمة ولكن هل يفيد نفي النجاح عن غيرها كزينب مثلا ؟!
مثال لمفهوم اللقب :
قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ( الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى )
فهذا الحديث يدل بمنطوقه على جريان الربا في الأصناف الستة .
ويدل بمفهوم اللقب المخالف على عدم جريانها في غير هذه الأصناف .
مذاهب العلماء في الاحتجاج بمفهوم اللقب :
ذهب جمهور الأصوليين الى القول بعدم حجية مفهوم اللقب .
وذهب أبو بكر الدقاق وأبو بكر الصيرفي من الشافعية وأصحاب الامام أحمد الى القول بحجيته واعتباره في استنباط الأحكام .
الأدلة :
استدل جمهور الأصوليين على أن مفهوم اللقب ليس بحجة بأدلة منها :
1- لو كان مفهوم اللقب حجة للزم منه أن القائل : محمد رسول الله يكون كافرا ! لأنه يؤدي الى نفي الرسالة عن غيره من الأنبياء !
لكن القائل : محمد رسول الله ليس كافرا بالاتفاق فلا يكون مفهوم اللقب حجة وهو المطلوب .
2- من شروط الاحتجاج بمفهوم المخالفة : أن لا يظهر للتخصيص بالذكر فائدة غير نفي الحكم عما عداه ؛ واذا ظهر فلا مفهوم له عندئذ . ومفهوم اللقب من هذا القبيل .
لأن ذكر اللقب له فائدة غير نفي الحكم عما عداه وهي فائدة استقامة الكلام فان اللقب لو لم يذكر لاختل الكلام . فلو حذفت كلمة محمد من قولنا : قام محمد .
لصارت الجملة غير مفيدة .
3- لو كان مفهوم اللقب دليلا لما حسن من الانسان أن يخبر أن زيدا يأكل مثلا الا بعد علمه أن غيره لم يأكل والا كان مخبرا بما يعلم أنه كاذب فيه أو بما لايأمن فيه الكذب وحيث استحسن العقلاء ذلك مع علمه بذلك دل على عدم دلالته نفي الأكل عما عدا زيد واذا فمفهوم اللقب ليس بحجة .
استدل القائلون بأن مفهوم اللقب حجة ب :
1- أن التخصيص بالاسم لا بد له من فائدة ولا فائدة له الا نفي الحكم عن المسكوت عنه كالصفة .
أجيب عن ذلك الدليل بأن: غرض الاخبار عنه دون غيره هي الفائدة كما أنه يختلف عن الصفة من جهة أن الكلام يختل بدونه أو يفقد استقامته بخلاف الصفة .
2- لو قال لخصمه مثلا : أنا لست بزان لتبادر الى الفهم منه نسبة الزنا الى خصمه ووجب على القائل حد القذف . ولو ثبت مفهوم اللقب لما تبادر ذلك .
أجيب عن هذا الدليل ب :
أن الحد ثبت عند المالكية والحنابلة بهذا اللفظ لوجود الخصومة بينهما فتكون قرينة على أنه قصد بقوله التعريض بالخصم والحاق الزنا به ولو انتفت الخصومة لما وجب الحد بهذا اللفظ .
فاللفظ لم يدل على نفي الحكم من غير الذات باعتبار ذاته وانما باعتبار القرائن الموجودة وهذا غير محل النزاع لأن النزاع في دلالة اللفظ من ناحية اللغة .
وعند النظر للأدلة نجد أن أدلة الجمهور أقوى فاذا لادلالة لمفهوم اللقب .
في الدرس القادم - بمشيئة الله - نتحدث عن مفهوم جديد هو مفهوم الحصر.
أسأل المولى عز وجل أن ينفعنا بما علمنا وأن يعلمنا ماينفعنا انه ولي ذلك والقادر عليه ؛ وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ....

ليست هناك تعليقات: