الأربعاء، سبتمبر ٠٥، ٢٠٠٧

الطهارة - 3

يقول -رحمه الله:- ( وإذا شك في طهارة الماء أو غيره أو نجاسته بنى على اليقين، وإن خفي موضع النجاسة من الثوب أو غيره غسل ما يتقين به غسلها ).
هذا الفصل فيه خمس مسائل :
المسألة الأولى : (إذا شك في طهارة الماء… ) المؤلف ذكر هذه الأمثلة؛ لأنه في موضوع المياه، لأنه في باب المياه، وإلا فإن هذه القاعدة ترد في باب المياه، وفي باب الصلاة وفى غيرها من أبواب الفقه المختلفة.
والقاعده هى "اليقين لا يزول بالشك" أو البناء على اليقين.
مثال: عندي ماء، ولا أدري هل هو طهور يصلح التطهر به، يصلح الوضوء به، أو أنه طاهر لا يصلح التطهر به، ما الحكم ؟ هل أتوقف أو ماذا ؟

نقول انظر في اليقين، انظر فيما أنت متيقن منه، عندي إناء فيه ماء، وأعرف مثلاً أنه طهور، أنا عندي يقين أنه طهور؛ لأني أحضرته من البئر، أو أخذته من صنابير الماء الموجودة عندي، وهي طاهر, ثم شككت بأنه مر من عند الماء طفل متنجس، أو مر من عند الماء كلب، ولا أدري هل الكلب ولغ فيه أو لم يلغ ؟ هل الطفل نجسه أو لم ينجسه؟ هل تعرض لنجاسة، الأصل عندي واليقين عندي أن الماء طهور، والنجاسة مشكوك فيها، فما الذي أطرحه ؟ أطرح الشك وأبني على اليقين وأعتبر أن الماء طهور.

وبالعكس عندي ثوب وأنا متأكد من نجاسته – قد أصابه بول مثلا – وشككت على غسل أم لا فالمتيقن النجاسة والمشكوك فيه هو الطهارة فنبني على الأصل فيكون نجسا أطرح الشك وأبني على اليقين.

وهنا مسألة تحدث كثيرا : أنا متأكد أني توضأت وشككت هل أحدث أم لا فاليقين طهارة والمشكوك فيه الحدث فنبني على الأصل وهو أني متطهر.
وبالعكس : أنا متيقن أني أحدثت ودخلت دورة المياه ولكن شككت هل توضأت بعدها أم لا فالمتيقن هو الحدث والمشكوك فيه هو التطهر فنبني على اليقين وهو الحدث فأكون محدثا وهكذا. وفروع هذه المسألة كثيرة جدا ستمر معنا في الأبواب القادمة بمشيئة الله تعالى.

المسألة الثانية : (وإن خفي موضع النجاسة من الثوب أو غيره غسل ما يتقين به غسلها) عندك ثوب مثلاً, أنت متأكد أن فيه نجاسة، عندك يقين أنه متعرض للنجاسة، ولكن ما تدري أين النجاسة ؟ ، هل هي في الكم؟, أو في الصدر؟، أو في أسفل الثوب وغيره، ما الحكم ؟
يقول ابن قدامة : تغسل حتى تتيقن أن النجاسة أزيلت، إذا فرضنا أنك تعلم أن في كمك نجاسة، ولكن لا تدري هل هي في نهايته ؟، أو في وسطه؟ فاغسل الكم كله، وإذا كنت متيقنا أن الثوب قد تعرض لنجاسة وخفي عليك موضعها فاغسل الثوب كاملاً وهكذا.

المسألة الثالثة : يقول رحمه الله ( وإن اشتبه ماء طاهر بنجس، ولم يجد غيرهما تيمم وتركهما ) عندك إناءان واحد فيه ماء نجس قطعاً، وعندك إناء آخر فيه ماء طهور قطعًا ، واشتبها عليك، فماذا تعمل ؟ قال رحمه الله : اتركهما كلهما وتيمم وقال بعض أهل العلم بل يتحرى ويبحث حتى يغلب على ظنه أن أحدهما هو الطهور فيستعمله ولا شئ عليه وهذا القول أقرب إلى قواعد وأصول الشريعة وهو مذهب الشافعي رحمه الله.

المسألة الرابعة : (وإن اشتبه طهور بطاهر توضأ من كل واحد منهما ) بعض الفقهاء يقول: يتوضأ وضوء كاملا من الأول، ثم يتوضأ وضوء كاملا من الثاني، وبعضهم يقول: لا، يتوضأ وضوءا واحدا من الإناءين، يأخذ من هذا غرفة، ومن هذا غرفة، ويصلي صلاة واحدة.
ملاحظة: هذه المسألة تأتي على مذهب من يقسم الماء ثلاثة أقسام أما من يقسم الماء قسمين فقط فلا وجود لهذه المسألة عنده لأن الطهور هو الطاهر (راجع مدونة - الطهارة - 1).

المسألة الخامسة : ( وإن اشتبهت ثياب طاهرة بنجسة، صلى في كل ثوب بعدد النجس، وزاد صلاة) وهذا يمكن تصور وقوعه إن كان الإنسان عنده مثلاً خمسة ثياب، واحد منها يعلم أنه قد تعرض لنجاسة البول، والأربعة الباقية لم تتعرض لذلك، ولكن كل الثياب لونها واحد، ولكونها نجاسة غير ظاهرة ولون النجاسة في الثوب غير واضح ، اشتبهت عليه وليس عنده ماء، لو كان عنده ماء نقول اغسل الثياب أو اغسل منها واحد وصلي فيه، لكن ليس عنده إطلاقاً أي وسيله ينقي بها النجاسة، أو يغسل فيها أحد هذه الثياب من أجل أن أن يصلي فيها، فماذا يفعل؟
المؤلف يقول: يصلي في كل ثوب صلاة بعدد النجس ويزيد صلاة ، إذا كان يعلم أن الثوب واحد نجس يصلي صلاتين في ثوبين, إذا كان اثنين نجسين يصلي ثلاث صلوات، لو عنده خمس أثواب يصلي ست صلوات وهكذا,
لماذا ؟ قالوا: لكي يتقين أنه صلى - على الأقل - صلاة واحدة بأحد الثياب الطاهرة , وبعض أهل العلم يقول: يتحرى حتى ما يغلب على ظنه أنه طاهر؛ فيصلي فيه، وهذا بلا شك أيسر وأبعد للحرج.
ونكمل في الأسبوع القادم ان شاء الله تعالى وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والحمد لله رب العالمين

هناك ٣ تعليقات:

صانعة الحرية يقول...

الله اكبر ولله الحمد
انا اول تعليق
اولا جزا الله حضرتك الفردوس الاعلى الاسوب سلس وجميل جدا
ربنا يجعله فى ميزان حسنات حضرتك ويبلغنى واياكم رمضان
ويفك كربى وكرب كل مكروب اللهم امين

عصفور المدينة يقول...

بارك الله فيك يا شيخ زووم أعتقد أن هذا الدرس هام جدا وعليه معظم مسائل الطهارة والعلم به يغلق كثيرا أبواب الوساوس التي يقع فيها بعض الحريصين على الطاعة ويكون مدخل الشيطان إليهم عن طريق الحرص على الطاعة ولذلك جزاك الله خيرا على التركيز على القاعدة
وأيضا لابد ان ينتبه لمبدأ الأخذ بالأحوط الذي مشى عليه المؤلف والترجيحات الأخرى التي نوه إليها أخي زووم من طرف خفي
من التمسك بقاعدة التحري ثم الأخذ بغالب الظن

وأما قول المؤلف رحمه الله

وإن خفي موضع النجاسة من الثوب أو غيره غسل ما يتقين به غسلها

فهذا لأن النجاسة متيقنة فوجب غسل القدر الذي يحصل به اليقين

خلاصة تعليقي هو التنبيه على فائدة هذا الدرس في قفل باب الوسوسة

محمد عبد الرحمن يقول...

قاعة فى منتهى الأهمية جزاكم الله خيرا أستاذ زووم
ذكر القواعد مع المسائل طريقة مفيدة حبذا لو أستمررتم عليها

بارك الله فيكم